الثلاثاء، مايو 08، 2012

ابحث معى عن رئيس


المنافسة الآن على موقع الرئيس أمر سهل وميسور بالمقارنة بالوضع السابق فى عهد مبارك.

(كانت المنافسة فى العهد السابق أمراً مستحيلاً، فى كل الحالات كنت هدفاً للنقد والتشويه).
إذا كان المنافس شاباً.. فأين هو من خبرة الرئيس؟!
وإذا كان شيخاً.. فأين هو من حيوية ونشاط الرئيس؟!
وإذا كان فى متوسط العمر فقد ميزة الشباب وشرط الخبرة معًا!!

وإذا كان «مدنياً».. فكيف له أن يقود الجيوش والحروب؟!
وإذا كان عسكرياً.. فأين التغيير إذن؟! فالرئيس مدنى منذ عام 1975!! وعسكرى أيضاً!!
وإذا كان «ليبرالياً».. فهو حتماً صنيع الأچندة الغربية!! وأسير لها!!

وإذا كان «يسارياً».. فهو قطعاً سيعيد مصر للوراء، مكررًا تجارب فشلت فى بلادها!!
وإذا كان «إسلامياً».. فسيحيل مصر إلى إيران جديدة!! أو سودان!! أو أفغانستان!!
وإذا كان «علمانياً».. فهو سيشيع الانحلال فى بلد مسلم وشعب محافظ!
وإذا كان «وسطياً».. فهو مسخ لا موقف له من هذا أو ذاك!!

وإذا كان «بليغاً» فى خطابه.. فهو لا يجيد إلا الأقوال.. ومصر تحتاج للأفعال!!
وإذا كان «قليلاً فى كلامه»، مقتضباً فى خطابه.. فهو «عيىٌ» لا يجيد حتى الكلام!!
وإذا كان «برلمانياً لامعاً».. فمصر ليست دائرة صغيرة مثل دائرته، التى رفعته للبرلمان بالصدفة!!

وإذا كان «بعيداً عن البرلمان».. فلو كان فيه خير لاختاره الناس أولاً للبرلمان!! وإذا كان «حزبياً».. فالناس فى مصر لا تؤمن بالأحزاب، وتريد رئيساً قومياً، فوق الأحزاب!!
وإذا كان «غير حزبى».. فهو بعيد عن الشرعية ولا يؤمن بالتعددية، كأساس لنظام الحكم!!
وإذا كان من خارج الجهاز الإدارى للدولة.. فهو هابط بالبراشوت ولا يعرف شيئاً عن دولاب الدولة!!

وإذا كان من داخل الجهاز الإدارى.. فقد كان تابعًا للرئيس وهو الذى أتى به فكيف له أن يتمرد عليه؟!

وإذا كان شخصية معروفة ولامعة فى المجتمع.. فهو يهوى الإعلام وصنيعة له.. محب للشهرة!!

وإذا كان بعيداً عن الأضواء.. فهو «نكرة» لا يعلمه حتى جيرانه فى العقار الذى يسكنه!!
وإذا كان «غنياً» ميسور الحال فكيف لمثله أن يشعر بالفقراء وهم الأغلبية!!
وإذا كان «فقيراً».. فلابد أنه سيسعى للثروة والمال و(اللى شبع أفضل من اللى ما زالت لديه الرغبة)!!

وإذا كان «رقيقاً» وفى قلبه رحمة.. فمصر بلد يحتاج للشدة.. ولحكم العصا!!
وإذا كان «غليظاً».. فمصر تنفر من الغلظة، وتتمرد على القسوة!!
وإذا كان «اقتصادياً».. فمصر ليست شركة ليديرها رجل اقتصاد!!
وإذا كان «قانونياً».. فمصر ليست محكمة كى تدار بالقانون والنصوص والأحكام!!
وإذا كان «سياسياً». فهو ليس خبيراً بالاقتصاد أو القانون، وهما جناحا الحكم!!
وإذا كان «سياسياً وقانونياً وملماً بالاقتصاد».. فمن يعرف فى كل شىء لا يعرف شيئاً!!
إذا كان وزيراً سابقاً، فلابد من سبب خطير هو الذى أخرجه من الوزارة، أو فشل مريع فيها!!
وإذا كان لم يكن وزيراً سابقاً.. فكان عليه أن يحصل على هذه الخبرة أولاً قبل أن يفكر فى غيرها.

إذا كانت لديه «كاريزمة» فهو يخدع الناس!!

وإن لم تكن لديه كاريزمة فهو بلا لون ولا طعم ولا رائحة!!

إن البحث عن منافس للرئيس فى مصر هو مسألة شاقة أصعب بكثير من البحث عن رئيس للولايات المتحدة الأمريكية أو بريطانيا أو فرنسا أو بلاد الهند والسند!!

ويبدو أننا مازلنا نعانى من نفس العقدة والمنطق الذى ورثناه فى عهد مبارك!!

لو اجتمعت لشخص فى مصر كل المواصفات السابقة فسيخرج البعض ليمزقه، وإذا اجتمعت لشخص واحد كل هذه المواصفات ونقيضها فلن يرضى عنه أحد.
حقاً منتهى الديمقراطية

الأربعاء، أبريل 11، 2012

صفات عشرة لبناء الشخصية المسلمة - الشيخ حسين عامر

لماذا هذه السلسلة ؟
كنت أبحث عن سلسلة منهجية جديدة لخطب الجمعة فقلت ما الصفات التي يحتاجها المسلم المعاصر ليكون مسلما محافظا على دينه وهويته الإسلامية وفي نفس الوقت يكون عنده واقعية وإيجابية من خلال حركته في المجتمع فتذكرت قصةعمر بن الخطاب حينما قال لأصحابه: تمنوا. فقال أحدهم : أتمنى أن يكون ملء هذا البيت دراهم فأنفقها في سبيل الله.
فقال: تمنوا قال آخر: أتمنى أن يكون ملء هذا البيت ذهبا فأنفقها في سبيل الله .
قال : تمنوا . قال آخر: أتمنى أن يكون ملء هذا البيت جوهرا أو نحوه فأنفقه في سبيل الله. فقال عمر تمنوا: فقالوا : ما تمنينا بعد هذا .
كل هذه الأماني فيها خير ، لأنهم تمنوا المال من أجل إنفاقه في سبيل الله ، ولكن ماذا تمنى عمر بن الخطاب (رضي الله عنه)؟
قال عمر: لكني أتمنى أن يكون ملء هذا البيت رجال مثل أبي عبيدة بن الجراح .
وقدأعجبتني كثيراً صفات عشرة لبناء الشخصية المسلمة تلك الصفات التي صاغها العالم الرباني الإمام حسن البنا مستنتجاً إياها من كتاب الله وسنة رسوله وحاجة المسلم في الواقع المعاصر والمستقبل المنشود. وهذه العشر هي :
سليم العقيدة، صحيح العبادة، مجاهدًا لنفسه، حريصًا على وقته، منظمًا في شؤونه، نافعًا لغيره،قوي الجسم، متين الخلق، مثقف الفكر، قادرًا على الكسب
وهذا التوفيق في أن يجمع هذه العشر بهذه الصياغة والتناغم بينها يبين لنا صدق تسميته بالملهم الموهوب وقد ذكرني يوم أن طلب منه أبوه الشيخ عبد الرحمن البنا مؤلف كتاب (الفتح الرباني في ترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني ) حين طلب منه تأليف الكتب قال أنا مشغول بتأليف الرجال!!!.
ونبدأ إن شاء الله في تفصيلها والتعليق عليها :
يقول الإمام حسن البنا في ركن العمل من رسالة التعاليم فقال:
ومراتب العمل المطلوبة من الأخ الصادق :
إصلاح نفسه حتى يكون : قوى الجسم ، متين الخُلُق ، مثقف الفكر ، قادرا علي الكسب ، سليم العقيدة ، صحيح العبادة ، مجاهدا لنفسه ، حريصًا علي وقته ، منظما في شئونه ، نافعا لغيره . وذلك واجب كل أخ علي حدته .


يقول الأستاذ محمد حسين في شرح رسالة (قوي الجسم ):فحدّد أهداف العمل الإسلامي لاستعادة الإسلام المُغَيَّب عن بلاد المسلمين وبدأ بالعمل علي استعادة الفرد المسلم بأوصاف القّوة الواجب اتصاف المسلم بها وهي عشرة أوصاف ، وبدأ بصفة قوة الجسم .
وهناك ملاحظات علي هذا الترتيب :
أولها : أنها صفات للفرد ، صفات قوّة مفقودة في تربية المسلم تحتاج إلي الاهتمام باكتسابها لكل مسلم علي حدة .

ثانيها :
أنها مرتبة حسب فقدانها في واقع المجتمع المسلم ، وبحسب القاعدة التربوية من أن أوّل المفقود هو أول المطلوب تحقيقه ، فأول ما فقد في واقع المسلمين هو الفرد المسلم الذي به يُستعاد الإسلام ونُحْمَي به الزمار والديار ، وأول ما فقد في الفرد المسلم همته وقوة إرادته وعظم نشاطه وحَيويَّة استعداداته واستثمار طاقاته المكنونة في طيّ معطياته كبشر وذلك كله مكنوز ومركوز في الجسم السليم الصالح بمهام العبودية لله تعالي .

ثالثها : أن قوة الجسم صفة من صفات المسلم يداوم علي اكتسابها والحفاظ عليها وتعبيدها لمولاهُ الذي خلقه وأفاض عليه نعمة الإيجاد والخلق . فجسم العبد صوَّرها الخالق سبحانه إذْ يقول : ( هو الذي يصوركم في الأرحام كيف يشاء ) ، ( وصوركم فأحسن صوركم ) وهي نعمة تحتاج إلي الإمْداد بعد الإيجاد ، وتحتاج من العبد أن يشكر ربه عليها ويدعو بدوامها عليه [ اللهم حسَّن خُلُقي كما أحسنت خَلْقي ]

رابعا الملاحظات : أنه بدأ بقوة الجسم الذي هو الظرف والهيكل الذي يحتفظ بسائر القوى الروحية والعقلية وغيرها ، فبضعفه تضعف سائر القوى ، وبقوته تنمو سائر القوى المطلوبة ، فهو كالأساس للبنيان لابد من البدء به قبل غيره .

خامسها : أن الله تعالي طلب من الأمة المجاهدة أن تستَعدَّ وأن تعدَّ كل ما استطاعت من القوى حيث قال جل شأنه ( وأعُّدوا لهم ما استطعتم من قوة ) وقد أخرج مسلم وغيره عن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول وهو علي المنبر ( وأعدَّوا لهم ما استطعتم من قوة ) ألا أن القوّة الَّرمْيُ .] وقوة الرمي هو التدريب علي تصْويب السهام للعدد وإيصالها ، وهذا يحتاج لقوة الجسم والتدريب والتربية البدنية ، وحتى الحروب العسكرية الحديثة تحتاج إلي فنون الرمي بالقذائف والصواريخ وسائر الأسلحة .
وأخيرًا : فصفات الفرد المسلم كلها أوصاف قوة واقتداء وامتلاك للقوى : فأولها قوة الجسم
ثم قوة الروح والنفس – متين الخلق –
ثم قوة العقل والعلم – مثقف الفكر –
ثم قوة الاكتساب للمال والسلطان والجاه – قادر علي الكسب –
ثم توجيه كل هذه القوى حسب عقيدة التوحيد – سليم العقيدة –
ثم تفعيل القُوى لإصلاح الحياة – صحيح العبادة ،
ثم الثبات والاستقامة علي بذل المجهود في إيجاد المطلوب – مجاهد لنفسه –
ثم الحرص الشديد علي الوقت بلا تضييع أو تكاسل في واجباته – حريص علي وقته –
ولأن الأعمال والواجبات أكثر من الأوقات فلابد من اكتساب صفة التنظيم والترتيب للتغلب فقد الأوقات أوْ فوات الواجبات – منظم في شئونه –
ثم إن المسلم يستثمر كل قواه في طاعة مولاه بمراعاة خلق الله فيجب أن يكون – نافع لغيره – )اهـ كلامه حفظه الله
وقد طرح على أحد الإخوة الكرام سؤالا عن سبب ابتدائي لشرحها بترتيب مخالف لترتيب الإمام البنا
والجواب :
أن الأمر كما قال الأستاذ محمد حسين (أنها مرتبة حسب فقدانها في واقع المجتمع المسلم ، وبحسب القاعدة التربوية من أن أوّل المفقود هو أول المطلوب تحقيقه ...)
إذن فلعل هذا الترتيب كان مناسبا – في وجهة نظري- لزمن الإمام البنا لكن في زماننا رأيت أن أول صفة ينبغي الاتصاف بها أولا
سلامة العقيدة وهو ما ابتدأ به رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أصحابه الكرام حتى رأيناهم أثبت ما يكونوا عند المحن والمصائب فهذا الثبات الذي رأيناه في بلال وعمار وأهله وغيرهم ما جاء إلا لثمرة التربية النبوية على منهج سلامة العقيدة وأول من لفت النظر لهذه المسألة-فيما أعلم - هو الدكتور الصلابي في السيرة النبوية تحت عنوان
البناء العقدي في العهد المكي
ثم أتبعها بفصل آخر بعنوان
البناء التعبدي والأخلاقي في العهد المكي

فرأيت أن أبدأالصفات بسليم العقيدة،من هذه الوجهة ومن جهة أخرى تذكرت مقالة للشهيد سيد قطب قال فيها (التوحيد ينتقل معه إلى غيره لا منه إلى غيره )فأردت إبراز هذا المعنى
وسلامة العقيدة يتبعها
صحة العبادة
ثم قوة الإرادة والقدرة على التغير للأحسن
(مجاهدا لنفسه )
ثم إحاطته بما يدور حوله من خلال
(مثقف الفكر )
ثم سلامته من الآفات والأمراض بحرصه على صحته وتقويته لجسمه من خلال
(قوي الجسم )ثم أثر ذلك في معاملته مع غيره فهو (مَتِينُ الخُلُق)
ثم في حركته في الحياة وسر نجاحه
( منظما في شئونه، حريصا على وقته)ثم في عفته وغناه عن سؤال الناس (قادرا على الكسب)ثم في إيجابيته في مجتمعه فهو لايسعى لنفسه دائما وإنما هو (نافع لغيره )
فالمسألةهي رؤية للصفات حسب أولويتها وربما بعض الإخوة له وجهة نظر أخرى
والله الموفق
(1)سـليم العقيدة
سلامة الاعتقاد معناه الإيمان بأن الله هو الفاعل لكل شئ في الكون إفراد الله سبحانه بالعبادة الكون كله يعبد خالقه ويوحد خالقه وكل ما في الكون من إبداع ونظام يدل على أن مبدعه ومدبره واحد، ولو كان وراء هذا الكون أكثر من عقل يدبر، وأكثر من يد تنظم، لأختل نظامه: واضطربت سننه، وصدق الله: (لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا، فسبحان الله رب العرش عما يصفون) (الأنبياء: 22)، (ما اتخذ الله من ولد وما كان معه من إله، إذن لذهب كل إله بما خلق ولعلا بعضهم على بعض، سبحان الله عما يصفون) (المؤمنون: 91).
وأنه هو تعالى واحد في ربوبيته، فهو رب السموات والأرض ومن فيهن وما فيهن، خلق كل شيء فقدره تقديراً، وأعطى كل شيء خلقه ثم هدى، ولا يستطيع أحد من خلقه أن يدعي أنه الخالق أو الرازق أو المدبر لذرة في السماء أو في الأرض (وما ينبغي لهم وما يستطيعون) (الشعراء: 211).
وهو تعالى واحد في ألوهيته، فلا يستحق العبادة إلا هو، ولا يجوز التوجه بخوف أو رجاء إلا إليه. فلا خشية إلا منه، ولا ذل إلا إليه، ولا طمع إلا في رحمته، ولا اعتماد إلا عليه ولا انقياد إلا لحكمه. والبشر جميعاً -سواء أكانوا أنبياء وصديقين أم ملوكاً وسلاطين- عباد الله، لا يملكون لأنفسهم ضراً ولا نفعاً ولا موتاً ولا حياةً ولا نشوراً، فمن ألَّه واحداً منهم، أو خشع له وحنى رأسه، فت جاوز به قدره؛ ونزل بقدر نفسه.
ولابد مع الإيمان بوجود الله ووحدانيته من الإيمان بأنه تعالى متصف بكل كمال يليق بذاته الكريمة، منزه عن كل نقص: (لم يلد ولم يولد * ولم يكن له كفواً أحد) (الإخلاص: 3، 4) (ليس كمثله شيء، وهو السميع البصير) (الشورى: 11).
دل على ذلك: هذا الكون البديع وما فيه من إحكام عجيب، وهدت إلى ذلك الفطرة البشرة النيرة، وفصلت ذلك رسالات الله تعالى إلى أنبيائه.
فهو سبحانه العليم الذي لا يخفى عليه شيء: (وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو، ويعلم ما في البر والبحر، وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ولا حبة في ظلمات الأرض ولا ورطب ولا يابس إلا في كتاب مبين) (الأنعام: 59).
وهو العزيز الفعال لما يريد، الذي لا يغلبه شيء، ولا يقهر إرادته شيء (قل اللهم مالك الملك تؤتى الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء، بيدك الخير، إنك على كل شيء قدير) (آل عمران: 26).
وهو القدير الذي لا يعجزه شيء. يجيب المضطر إذا دعاه، ويكشف السوء، ويحيي العظام وهي رميم، ويعيد الخلق كما بدأهم أول مرة وهو أهون عليه: (تبارك الذي بيده الملك وهو على كل شيء قدير) (الملك: 1).
وهو الحكيم الذي لا يخلق شيئاً عبثاً، ولا يترك شيئاً سدىً، ولا يفعل فعلاً، أو يشرع شرعاً إلا لحكم، عرفها من عرفها وجهلها من جهلها. وهذا ما شهد به الملائكة هذا الملأ الأعلى: (قالوا سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا، إنك أنت العليم الحكيم) (البقرة: 32).
وما شهد به أنبياء الله وأولياؤه، وأولوا الألباب من عباده: (الذين يذكرون الله قياماً وقعوداً وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السموات والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلاً، سبحانك) (آل عمران: 191).
وقد ورد من سنة رسول الله وصحابته الكرام ما يبين لنا حرصهم الشديد على سلامة العقيدة وصيانتها من أي شائبة
من ذلك ترك التشبه بالكافرين كما في حديث أبي واقد الليثي ، رضي الله عنه : ( أنَّهُمْ خَرَجُوا عَنْ مَكَّةَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى حُنَيْنٍ ، قَالَ وَكَانَ لِلْكُفَّارِ سِدْرَةٌ يَعْكُفُونَ عِنْدَهَا وَيُعَلِّقُونَ بِهَا أَسْلِحَتَهُم ،ْ يُقَالُ لَهَا : ذَاتُ أَنْوَاطٍ ، قَالَ : فَمَرَرْنَا بِسِدْرَةٍ خَضْرَاءَ عَظِيمَةٍ ، قَالَ : فَقُلْنَا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، اجْعَلْ لَنَا ذَاتَ أَنْوَاطٍ . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : قُلْتُمْ ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِه ،ِ كَمَا قَالَ قَوْمُ مُوسَى : اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةً قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ ، إِنَّهَا لَسُنَنٌ لَتَرْكَبُنَّ سُنَنَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ سُنَّةً سُنَّة .)ً رواه أحمد
سدرة أي : شجرة
وقَوْلُهُ : يُقَالُ لَهَا ذَاتُ أَنْوَاطٍ ، الأنواط : جمع نوط ، وهو كل شيء يعلق ، وذات الأنواط هي الشجرة التي يعلق عليها هذه المعاليق .
قَالَ ابن الأثير فِي النِّهَايَةِ : هِيَ اِسْمُ شَجَرَةٍ بِعَيْنِهَا كَانَتْ لِلْمُشْرِكِين ، يَنُوطُونَ بِهَا سِلَاحَهُمْ ، أَيْ يُعَلِّقُونَهُ بِهَا ، وَيَعْكُفُونَ حَوْلَهَا ، فَسَأَلُوهُ أَنْ يَجْعَلَ لَهُمْ مِثْلَهَا ، فَنَهَاهُمْ عَنْ ذَلِكَ .
وقوله : " قُلْتُمْ ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِه ،ِ كَمَا قَالَ قَوْمُ مُوسَى : اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةً قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ " ، شبه مقالتهم هذه بقول بني إسرائيل لما مروا على قوم عاكفين على أصنام لهم ، طلبوا من موسى عليه السلام أن يجعل لهم إلهاً يعكفون عليه كما لأولئك إله .
(إنها السنن ) ، أي : طرق
( لَتَرْكَبُنَّ ) أي : لَتَتَّبِعُنَّ
( سُنَّةَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ ) أي : طريقة من كان قبلكم من الأمم ، وَالْمُرَادُ هُنَا طَرِيقَةُ أَهْلِ الأْهَوَاءِ وَالْبِدَعِ الَّتِي اِبْتَدَعُوهَا مِنْ تِلْقَاءِ أَنْفُسِهِمْ بَعْدَ أَنْبِيَائِهِمْ مِنْ تَغْيِيرِ دِينِهِمْ وفي هذا الحديث من الفوائد : التحذير من الشرك ، وأن الإنسان قد يستحسن شيئا يظن أنه يقربه إلى الله ، وهو أبعد ما يبعده من رحمة ربه ، ويقربه من سخطه، و النهي عن التشبه بأهل الجاهلية والكتاب فيما هو من خصائصهم وعباداتهم .
ومن ذلك أيضا نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يقول: ما شاء الله وشاء محمد، للشخص.. حسماً لمادة الشرك وسداً لذريعة التشريك في المعنى، وقال لمن قال له: ما شاء الله وشئت قال: (أجعلتني لله نداً؟)
وكذلك نهينا عن الصلاة في المقبرة؛ لأنها ذريعة إلى تقديس الموتى وتعظيمهم، وكذلك لا يجوز الذهاب إلى العرافين والكهان ولو كان الإنسان غير معتقد أنهم يعلمون الغيب، لا يجوز إلا إذا كان للإنكار عليهم أو لإفحامهم وإقامة الحجة،
وكذلك لماذا نهينا عن سب الدهر؟ لأنه يؤدي إلى سب الله عز وجل الذي خلق الدهر، الدهر ليس له تصرف، لا يضر ولا ينفع، الله الذي خلقه، يقلب الأيام والليالي سبحانه وتعالى.
ولماذا نهي السيد أن يقول: عبدي وأمتي، وإنما يقول: فتاي وفتاتي وغلامي؟
ونهينا عن الصلاة عند طلوع الشمس وعند غروبها حتى لا يكون ذريعة إلى مشاركة المشركين الذين يعبدون الشمس في ذلك الوقت، حتى في الأمور المتعلقة بالتطير وهذا له اتصال وثيق بالتوحيد،
فعن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( إذا طلع حاجب الشمس فأخروا الصلاة حتى تبرز الشمس ، وإذا غاب حاجب الشمس فأخروا الصلاة حتى تغيب ، ولا تَحَيُّنوا بصلاتكم طلوع الشمس ، ولا غروبها ، فإنّها تطلع بين قرني شيطان )
والمعنى أن طوائف المشركين كانوا يعبدون الشمس ، ويسجدون لها عند طلوعها ، وعند غروبها ، فعند ذلك ينتصب الشيطان في الجهة التي تكون فيها الشمس ، حتى تكون عبادتهم له .
وقد جاء هذا مصرحاً به في صحيح مسلم ، فقد سأل عمرو بن عبسة السلمي الرسول عن الصلاة . فقال صلى الله عليه وسلم : ( صل صلاة الصبح ، ثم أقصر الصلاة حتى تطلع الشمس ، حتى ترتفع ، فإنها تطلع حين تطلع بين قرني شيطان ، وحينئذٍ يسجد لها الكفار ، ثمّ صلَّ ، فإن الصلاة مشهودة محضورة ) .
ثم نهاه عن الصلاة بعد العصر ( حتى تغرب الشمس ، فإنها تغرب بين قرني شيطان ، وحينئذٍ يسجد لها الكفار ) .
وقد نهينا عن الصلاة في هذين الوقتين ، والصحيح أن الصلاة في هذين الوقتين جائزة ، إذا كان لها سبب كتحية المسجد ، ولا تجوز بلا سبب كالنفل المطلق ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : ( لا تَحَيّنوا ) ؛ أي لا تقصدوا .
وهذا كما نقلوا عن عمر أنه بلغه‏:‏ أن أقوامًا يزورون الشجرة التى بويع تحتها بيعة الرضوان، ويصلون هناك، فأمر بقطع الشجرة‏.‏ وقد ثبت عنه أنه كان في سفر، فرأى قومًا ينتابون بقعة يصلون فيها، فقال‏:‏ ما هذا‏؟‏ فقالوا‏:‏ هذا مكان صلى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال‏:‏ ومكان صلى به رسول الله صلى الله عليه وسلم، أتريدون أن تتخذوا آثار أنبيائكم مساجد‏؟‏‏!‏ إنما هلك بنو إسرائيل بهذا‏.‏ من أدركته فيه الصلاة فليصل وإلا فليمض‏..
قصة نيل مصر
روى الحافظ ابن كثير في البداية والنهاية قال : لما افتتحت مصر أتى أهلها عمرو بن العاص - حين دخل بؤونة(أغسطس ) من أشهر العجم - فقالوا : أيها الأمير ، لنيلنا هذا سنة لا يجري إلا بها . قال : وما ذاك : قالوا : إذا كانت اثنتي عشرة ليلة خلت من هذا الشهر عمدنا إلى جارية بكر من أبويها ، فأرضينا أبويها وجعلنا عليها من الحلي والثياب أفضل ما يكون ، ثم ألقيناها في هذا النيل .فقال لهم عمرو : إن هذا مما لا يكون في الإسلام ، إن الإسلام يهدم ما قبله . قال : فأقاموا بؤنة وأبيب ومسرى)أغسطس وسبتمبر وأكتوبر ) والنيل لا يجري قليلا ولا كثيرا ، حتى هموا بالجلاء ، فكتب عمرو إلى عمر بن الخطاب بذلك ، فكتب إليه : إنك قد أصبت بالذي فعلت ، وإني قد بعثت إليك بطاقة داخل كتابي ، فألقها في النيل . فلما قدم كتابه أخذ عمرو البطاقة فإذا فيها " من عبد الله عمر أمير المؤمنين إلى نيل أهل مصر ، أما بعد ، فإن كنت إنما تجري من قبلك ومن أمرك فلا تجر فلا حاجة لنا فيك ، وإن كنت إنما تجري بأمر الله الواحد القهار ، وهو الذي يجريك فنسأل الله تعالى أن يجريك " قال : فألقى البطاقة في النيل فأصبحوا يوم السبت وقد أجرى الله النيل ستة عشر ذراعا في ليلة واحدة وقطع الله تلك السنة عن أهل مصر إلى اليوم .
وهكذا يكون حرص المسلم على سلامة عقيدته من أي شائبة تشوبها في اللفظ أو الفعل أو في الاعتقاد لأن المسلم سليم الاعتقاد لا يذل نفسه إلا لله ولا يخاف ولا يرجو إلا الله .

الاخوان بين عبد الناصر قديما والعسكر حاليا

قطع «المجلس العسكري» الذي يدير شؤون البلاد في مصر منذ زوال «مبارك» الشك باليقين، وبيَّن للرأي العام الخيط الأبيض من الخيط الأسود بشأن موقفه مما يجري من أحداث متلاحقة في مصر، بل كشف - لأول مرة - عن جبروت القوة العسكرية التي يمكن أن يلجأ إليها.. وهو أسلوب لم يلجأ إلى التلويح به مع سيل السباب والتجريح الذي امتلأت به شوارع القاهرة طوال عام مضى من تيارات علمانية وفوضوية، لكن عندما قرر نواب الإخوان في البرلمان استخدام حقهم الطبيعي في تشكيل الهيئة التأسيسية لصياغة الدستور، وإصرارهم على سحب الثقة من حكومةٍ فشلت في تأمين أبسط الحاجات الضرورية للمواطن المصري؛ لم تعجب تلك المواقف «المجلس العسكري»، ودفعته للتهديد، مذكِّراً الإخوان المسلمين بأن «يعوا درس التاريخ»؛ أي يتذكَّروا المذابح التي اقترفها بحقهم الرئيس الراحل «جمال عبدالناصر» - طاغية العصر - في حملتي عام 1954 وعام 1965م، واللتين ارتكب خلالهما «عبدالناصر» وزبانيته كل ما يخطر على عقل البشر من انتهاكات بحقهم.. هذا ما أراد «المجلس العسكري» تذكير أو تهديد الإخوان المسلمين به، وهو التفسير الذي تواتر عبر معظم وسائل الإعلام.

وهو تذكير طربت له الفرقة الجنائزية العلمانية التي اكتشفت أن رصيدها لدى الشعب المصري فوق الصفر بقليل، وانقطع أملها في أن تمنحها الانتخابات الحرة مكاناً تحت شمس الديمقراطية؛ فباتت تترقب ساعة الصدام بين «المجلس العسكري» و«الإسلاميين»؛ فتخلُو لهم الساحة بالقوة والجبروت، بعد أن أزاحهم منها «صندوق الانتخابات»، مستذكرين الأيام الخوالي في عصرهم الذهبي.. عصر «عبدالناصر».. يوم كانوا يرقصون له على أجساد ضحايا الكبت والقتل والمشانق..!

ولِمَ لا يطرب هؤلاء بتهديد «المجلس العسكري» للإخوان؟ وقد قال المهندس «ممدوح حمزة» على الهواء مباشرة عبر قناة «التحرير»: «وجهتُ خطاباً لـ«سامي عنان»، نائب رئيس المجلس العسكري، أقول فيه: نحن معكم في الانقلاب العسكري ضد سيطرة التيارات الإسلامية».. لِمَ لا يطرب وقد تم إخلاء سبيله (الإثنين 26 مارس)، ورفع اسمه من قائمة الممنوعين من السفر في قضية الدعوة لإضراب دموي في الحادي عشر من فبراير الماضي؛ لشل الحياة في مصر؟! ومن نافلة القول: إن الصهاينة وواشنطن يطربون كثيراً لهذا التهديد، لا لأنهم يريدون التخلص من الإخوان فقط، ولكن لأنهم يريدون التخلص من مصر كلها.. فهي الخطر الأبدي عليهم!

نعم.. إن الإخوان يعون درس التاريخ جيداً، ويعلمون أن الملك «فاروق» حلَّ جماعتهم وسجن رجالهم؛ عقاباً لهم على الجهاد ضد الصهاينة على أرض فلسطين، ثم قَتَل مرشدهم (الإمام حسن البنا يرحمه الله) عام 1949م، وظن الطواغيت انتهاء تلك الجماعة، ولكنها بقيت، وما هي إلا ثلاث سنوات حتى بدَّد الله ملك «فاروق» وشتَّت شمله!!

نعم.. إن الإخوان يعون درس التاريخ جيداً، ويعلمون جيداً أن «عبدالناصر» كان يوماً بينهم، وبعد نجاح الثورة تنكَّر لهم، بل وصنع لهم مقصلة في كل سجون مصر؛ راح ضحيتها من رحل شهيداً بإذن الله، وظن الطاغية أنه لم يعد هناك إخوان ولا حتى مسلمون، ومات «عبدالناصر» ورجال عصره المغاوير، وبقيت جماعة الإخوان، بل انتشرت في أكثر من سبعين قُطراً!!

نعم.. إن الإخوان يعون درس التاريخ، فقد نصب «مبارك» لهم محاكمات عسكرية ظالمة، واحدة تلو الأخرى، وسجن واعتقل منهم أكثر من أربعين ألفاً، وذهب «مبارك» مشيَّعاً بلعنات المصريين، بعد أن خرَّب مصر، وبقي الإخوان، ويلتف حولهم الملايين.. واسألوا صناديق الانتخابات النزيهة!!

نعم.. إن الإخوان يعون أن خلاصة درس التاريخ هو الثبات على الحق مهما كلف من تضحيات، وأنه ما من طاغية إلا وكانت نهايته في مزابل التاريخ.. ويدركون ما قاله الشيخ البنا يرحمه الله: «الضعيف لا يظل ضعيفاً طوال حياته، والقوي لا تدوم قوته أبد الآبدين»، كما يدركون جيداً أن لغة البطش والقتل والسجن والكبت لابد يوماً أن تتبخر أمام قوة الإيمان بالله، وأن فوق كل طاغية جبار السماوات والأرض.

لكن.. ألا ينبغي أن يتأمل «المجلس العسكري» أيضاً درس التاريخ ويعيه؟!.. لقد سقط «مبارك» مخلوعاً من بين أيديكم بعد أن كان يرأس اجتماعاتكم قبل ساعات، وأودعتم «مبارك» ورموز حكمه جميعاً سجون مصر بأيديكم، لا برغبتكم ولكن تحت ضغط الثورة الشعبية المباركة.. أليس في ذلك أبلغ درس؟! لا أشك أنكم تتذكرون أن هناك قوة لا تُقهر؛ هي قوة الواحد الجبار.

كنت أتمنى أن تصدر عبارات التهديد هذه للصهاينة يوم قتلوا جنودنا على الحدود، وكنت أتمنى أن تقولوا لنا سبب إطلاقكم سراح الأمريكيين المتهمين فجأة!!

وعلى ذكر التذكرة ووعي الدرس.. هل يتذكر «المجلس العسكري» كلمة نابية وجهها الإخوان لذلك المجلس، أو لأي من التيارات العلمانية الهائجة بعد إفلاسها؟ بينما الكل تابع وسمع سباب وشتائم الآخرين في «محمد محمود»، و«قصر العيني»، وفي المسيرات والمؤتمرات، وواقعة «زياد العليمي» مازالت حاضرة.. ونأى الإخوان بأنفسهم عن تلك المسالك، حتى ظن الكثيرون أن هناك صفقة بينكم وبين الإخوان، ومازال النائب «أبو العز الحريري» وهو من بقايا اليسار الاشتراكي البائد يتحدث بكل «بجاحة» عن صفقة بين الإخوان والجيش و«فلول الحزب الوطني»!!

وأخيراً.. لا أجد أفضل من تلك الكلمات التي وجهها الثائر العظيم عبدالرحمن الكواكبي (1849 - 1903م) قبل قرن ونصف القرن في كتابه القيم «طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد» قائلاً: «إن الاستبداد يقلب الحقائق في الأذهان، فيسوق الناس إلى اعتقاد أن طالبَ الحقِّ فاجرٌ، وتاركَ حقّه مطيع، والمشتكي المتظلِّم مفسد، والنَّبيه المدقق ملحد، والخامل المسكين صالح أمين، ويُصبح - كذلك - النُّصْح فضولاً، والغيرة عداوة، والشّهامة عتواً، والحمية حماقة، والرحمة مَرَضاً، كما يعتبر أنَّ النِّفاق سياسة، والتحيُّل كياسة، والدناءة لطف، والنذالة دماثة..».

س : من الذى ينساق وراء القطيع كالأعمى دون فهم أو دراية أو مناقشة ؟

تكاد لا تخلو حياة أى شاب معاصر للأحداث من هذا السؤال وتلك الإجابة ، يردد البعض الإجابة وينقلها ويقنع الناس بها فيجدونها مطابقة للواقع تماماً ، آخر دلائل صحة الإجابة هو ترشيح خيرت الشاطر ، الذى ما أن تم إعلان ترشحه حتى عكف شباب الإخوان على الانصياع لكلام المرشد والدعاية لخيرت الشاطر

إلى هؤلاء أقول : صفوا نواياكم ، وأخلوا أدمغتكم ، وركزوا معايا ف اللى جاى .. تعالوا نرجع مع بعض سنة فاتت

-----------------------------------------------------------------------

أيام الثورة ، وتحديداً بعد خطاب المخلوع الثانى ، خرجت علينا الوجوه الإعلامية المعروفة ( احفظوا تلك الأسامى جيداً : منى الشاذلى ، رولا خرسا ، عمرو أديب ، خالد صلاح ، هالة سرحان ، خيرى رمضان ، الخ ) يبكون فى القنوات المصرية والقنوات الخاصة ، ويحثون الناس على مغادرة ميدان التحرير ، وهو ما حصل بالفعل .. ثم فى اليوم التالى مباشرة حدثت موقعة الجمل

وليس هذا المجال للحديث عن أدوار الإخوان فيها ، ولكن الشاهد أن الإعلام صب جل قوته نحو إخراج الثوار من الميدان ، وانصاع له كثير ممن فى البيوت والشوارع .. ثم اكتشف هؤلاء أن تلك الحركة الإعلامية كانت خطة لقتل الثورة ، وذلك بهجوم على ميدان التحرير بموقعة الجمل بعد انسحاب الناس من الميدان وخلوه من الثوار الشباب

ثم خرجت علينا نفس الوجوه الإعلامية أيام 8-9-10 فبراير تحث الناس على الاكتفاء بما حققناه والانسحاب من الميدان

-----------------------------------------------------------------------

نيجى بعد كدا للاستفتاء ، قبيل استفتاء 19 مارس ، خرجت علينا نفس الوجوه الإعلامية التى صدعتنا أيام الثورة بالبكاء على المخلوع والحث على الانسحاب من التحرير ، خرجت تلك الوجوه مرة أخرى لدفع الناس إلى التصويت ب " لا " .. وامتلأت القنوات على آخرها بالضيوف الذين يقنعون المشاهد ب " لا " ، ونشبت تلك الوجوه الإعلامية حرب ضروس على الإسلاميين الذين ينادون ب " نعم " .. حتى أن قناة أون تى فى صرفت ملايين الجنيهات فى تقرير رسمى من أجل دفع الناس لرفض التعديلات الدستورية .. وانساق بعض الشباب وراء هذا الإعلام



-----------------------------------------------------------------------

ثم أطلت علينا الوجوه الإعلامية نفسها لتبث سمومها مرة أخرى ، فنادى الإعلام بجميع قنواته الخاصة والمصرية ، ب " الدستور أولاً " فى مخالفة صريحة لإرادة الشعب الحرة ، وضربوا باستفتاء الشعب عرض الحائط .. لينساق البعض وراء تلك الأصوات

-----------------------------------------------------------------------

ثم هلت علينا الأبواق الإعلامية فى واقعة لم نجد لها مثيلاً ، المبادئ فوق الدستورية .. محاولات مضينة من الإعلام لتخويف المشاهد من سيطرة الإسلاميين على الدستور ، ولإقناع المشاهد بضرورة وضع تلك المبادئ .. بداية من يحيى الجمل انتهاء بوثيقة السلمى التى لم تُلغى حتى اليوم .. وكالعادة ينساق البعض وراء تلك الأبواق متناسياً أن تلك الوجوه إنما هى وجوه كاذبة تتحرك لهوى أو مصلحة معينة

-----------------------------------------------------------------------

ثم أُنشأت قنوات عدة جديدة ، تدعى أنها صوت الإعلام الحر ، وأمّل البعض على نزاهة تلك القنوات ( التحرير ، سى بى سى ، النهار ، الخ ) .. ولكن سرعان ما خاب ظنهم ، إذ سيطرت على تلك القنوات نفس الحملات لتوجيه المشاهد إلى الدفة التى يريدها الإعلام ككل .. فشاركت تلك القنوات بوجوهها الجديدة ( إبراهيم عيسى ، عادل حمودة ، خيرى رمضان ، محمود عيسى ، الخ ) فى النيل من الإسلاميين والمطالبة بالدستور أولاً وببقاء العسكر ، الخ .. لنرى انسياق البعض وراء تلك القنوات مرة أخرى

-----------------------------------------------------------------------

ثم قبيل الانتخابات تم تفعيل حملة تشويه مقننة على الإسلاميين فى كافة القنوات ، فالإسلاميين - كما ادعوا - يعيدوننا إلى العصور المظلمة ، ويمنعون البيكينى والخمور ، ويغلقون القهاوى ، ويصادرون التليفيزيون والقنوات ، إلى آخر تلك الاتهامات الساذجة .. وللأسف نرى تصديق البعض لتلك الهراءات انسياقاً وراء تلك الأبواق الإعلامية الجديدة والقديمة



-----------------------------------------------------------------------

ثم تأتى أحداث محمد محمود ، لنرى كل القنوات الإعلامية بلا استثناء واحد تطالب الإخوان بالنزول لحماية الميدان .. وبعد رفض الإخوان شنت تلك القنوات أعنف حملة ضد الإخوان منذ بداية الثورة حتى وقت قريب .. وكالعادة نرى البعض يردد ما يقوله الإعلام دون فهم أو متابعة أو تحليل

-----------------------------------------------------------------------

ثم أحداث القصر العينى ، لنلاحظ انتشار فيديو الفتاة التى جردها العسكر من ملابسها تنتشر على جميع القنوات الإعلامية بلا استثناء واحد ، ويُعاد عرض الفيديو عشرات المرات على القناة الواحدة ، لا لشئ إلا للنيل من الإخوان ووصفهم بعدم الرجولة وانعدام المروءة ، الخ .. لنجد البعض يردد هدا الكلام بالحرف الواحد سواء لأصدقائه أو على صفحته ع الفيسبوك

-----------------------------------------------------------------------

وبعد فترة قليلة خرجت علينا نفس الوجوه الإعلامية التى مللنا من مشاهدتها وتكرارها على نفس القنوات ، لتنادى بمطلب " لا دستور تحت حكم العسكر " .. وهو عكس المطلب الذى طالبت به نفس الوجوه منذ عدة أشهر !! .. فهم كانوا ينادون ب " الدستور أولاً " والآن يطالبون ب " لا دستور تحت حكم العسكر " .. ولا نجد ممن يشاهدون تلك الوجوه إلا الانسياق التام وترديد ما يقوله تلك الأصوات

-----------------------------------------------------------------------

ثم نجد ثانى أعنف حملة على الإسلاميين منذ بداية الثورة ، ألا وهى زوبعة اللجنة التأسيسية .. فجأة وبدون أى مقدمات نرى كافة القنوات والإعلاميين يعلنون الحرب على اللجنة التأسيسية .. فبدأ الإعلاميون( هما هما بردو ) يستضيفون نفس الوجوه التى تظهر منذ بداية الثورة حتى الآن لتهاجم الإسلاميين ولتطعن فى دستورية اللجنة التأسيسية ، وليستضيفوا الوجوه العلمانية والليبرالية التى انسحبت - طوعاً وكرهاً - من اللجنة التأسيسية .. وكعادة المشاهد الذى لا يعى ولا يدرك ، نجده ينساق - كالقطيع - وراء تلك الأصوات ويردد ما يقولونه دون مراجعة أو تمحيص

-----------------------------------------------------------------------

ثم نرى آخر حملة لتلك الوجوه التى سئمنا من سخفها وكذبها ونفاقها ، نراها وقد شنت حرباً على الإخوان بترشيحهم لخيرت الشاطر - ولست هنا بصدد توضيح الموقف - .. ويتبقى أن البرادعى عندما خالف قراره وانسحب ، هللت له القنوات الإعلامية كلها وألقت عليه أشعار المدح والثناء والإطراء .. أما عندما خالف الإخوان القرار ، فهجوم وسب ولعن .. إلى آخره .. وكالعادة .. انسياق المشاهد وراء تلك الأصوات وترديده لما يقوله الإعلاميون على الفيسبوك

الثلاثاء، أبريل 03، 2012

خدعوك فقالوا ... الإخوان عايزيين يسرقوا الثورة ...

خدعوك فقالوا ... الإخوان عايزيين يسرقوا الثورة ..

فى جملة بقت تتكرر كتير أوى اليومين دول

( الإخوان عازيين يسرقوا الثورة )

الجملة دى بصراحة مضحكة مبكية

مضحكة

لأنها مافيهاش أى منطق من الصحة

مبكية

لأنها بتدل إن كل الناس إلى بترددها مانزلتش معانا فى المظاهرات ومشاركوش فى الثورة إلا بنيتهم وبس

أو بقى إنهم كانوا من المتحوليين إلى كانوا وقت الثورة بيقولوا ثورة إيه وبتاع .... وفجأة بعد ما إنتصرنا عينوا نفسهم حماة الثورة والمدافعيين عنها

نتكلم عن الإخوان وعن مشاركتهم فى الثورة

الأخوان من قبل الثورة بتاعتنا ماتحصل

( ومش حبالغ لو قولت من قبل ما أتولد أصلا )

وهم بيعملوا مظاهرات وبيحربوا الفساد

وكان طالع عينهم ضرب وإعتقالات وتعذيب

إذا فهم مش ناس بتوع مصلحة

وإلا كانوا ناموا وكبروا دماغهم ولما تقوم الثورة وتكسب يقولوا " نحن معكم من البداية "

زى كل الأحزاب السياسية ماعملت

يبقى إذا هم ناس مش بتصطنع الوطنية

نيجى بقى وقت الثورة

نفكر الأول بعض إزاى الثورة إتعملت

تونس عملت ثورة ونجحت

فجت صفحة على الفيس بوك نشرت وقالت عايزين نعمل ثورة مصر

وتكون فى يوم 25 يناير يوم عيد الشرطة إحتجاجا على ممارسات الشرطة ومطالبة بتعديل بعض مواد الدستور ومنع التوريث

فالناس إتحمست للكلام

وبدأت أكتر من صفحة تنشر خبر الثورة

وبدأت تخرج الحركات كلها تقول إحنا حننزل يوم 25 ونشارك فى الثورة

ومحدش من الناس كان متوقع إنها ثورة بجد

كله كان بيقول دى مظاهرات وحتخلص

حتى الى دعوا للنزول فى الثورة

وفجأة أعلنت جماعة الإخوان المسلمين مشاركتها فى الثورة

مع عدم رفع شعارات للجماعة

ولكن مشاركة كمصريين لأنها ثورة شعب

وماينفعش حد يحتكر الثورة دى لصالحه

وفعلا الحماس زاد عند الناس كلها بعد خبر مشاركة الإخوان المسلمين

لأن الكل عارف إنهم منظميين جدا وعندهم القدرة على الحشد

فجأة ومن حيث لا ندرى خرج خبر من جريدة مشكوك فى أمرها

وهى جريدة اليوم السابع

وقالت إن أحد قيادات الإخوان المسلمين ينفى مشاركة أحد من الجماعة فى تظاهرات يوم 25 يناير

ولكن بعد يومين فقط من نشر الخبر

وبالتحديد فى يوم 24 يناير

خرج أحد قيادات الجماعة وأكد إن الجماعة حتشارك فى التظاهرات

زى ماقالوا قبل كدة

بس مش حيرفعوا أى شعار للجماعة

وحيشركوا كمصريين

ثوانى كدة لحظة

معنى كدة إن الإخوان المسلمين مشاركين فى المظاهرات من أول يوم

دلوقتى حيطلع حد ويقول

لأ أصل هم إشتركوا فى المظاهرات لما عرفوا إن الثورة حتكسب ولقوا الناس كلها طلعت فى الثورة

والرد على الكلام ده

تقريبا حضرتك ماطلعتش فى مظاهرات وسمعت عنها من الجرايد والتليفزيون والنت

هو كان فى حد أصلا متوقع إن الثورة تكسب ؟؟؟

هو كان فى حد أصلا متوقع إن الشعب حيدعم الثورة ؟؟

هو أصلا كان فى ناس من الشعب العادى المجرد من أى أهواء سياسية خرج يوم 25 يناير ؟؟

إذا كان الناس إلى قالت عايزيين نعمل ثورة نفسهم قالوا أحنا ماكناش متوقعيين إنها حتبقى ثورة فعلا

إحنا كنا بنقول الكلمة كدة وخلاص

وبالتالى فالكلام إنهم شاركوا لما حسوا إن الثورة كسبت

ده يكون ضرب من الخيال الغير علمى

خلصنا من أول يوم فى مشاركة الإخوان المسلمين

نشوف مع بعض أيام الثورة

هو مين إلى كان بينظم المظاهرات ويقودها ؟؟؟

مين كان جايب عربيات ملاكى ونص نقل وحاطط عليهم مكرفونات

وعمال ينتع فى قلبه عشان الناس تمشى معاه ويشاركوا فى الثورة ؟؟؟؟

الإجابة بكل وضوح

هم الإخوان المسلمين

الكلام ده مش كلامى لوحدى

ده كلام كل مواطن نزل فى الثورة دى

كلام كل واحد مننا مشى فى مظاهرات أيام الثورة

وشاف بعينيه الكلام ده

الكلام ده بيقولوا كل إلى مشى فى مظاهرات منظمة

ونروح القاهرة فى ميدان التحرير

فاكريين يوم الأربعاء الدامى

يوم موقعة الجمل والحصان ... والحمار إلى جابهم

هو مين إلى دافع عن الناس وحماهم ؟؟؟

مين عرض نفسه للقتل على إيد البلطجية عشان يحمى الثورة ؟؟

بشهادة جميع من كان فى الميدان فى اليوم ده

الإجابة واحدة

الإخوان المسلمين

طيب مالو هم كانوا عايزيين يسرقوا الثورة أو بتوع كلام وبس

ماكانوا يهربوا اليوم ده

ليه يعرضوا نفسهم للموت ؟؟

وأصلا إذا كانوا هربوا ماكنش حد يقدر يلومهم أبدا

ولكن مع كدة هم ثبتوا وثبتوا الميدان معاهم

ومافيش مبالغة إذا قولنا ثبتوا الثورة كلها وأنقذوها من الضياع

نلخص بقى كل الكلام إلى فات بسرعة ونقول الإخوان عملوا إيه

* من قبل ما الثورة تقوم وهم بيشركوا فى مظاهرات وإحتجاجات ضد الفساد

ومحدش كان بيرفع شماعة يدافع عنهم لما يعتقلوا أو يتضربوا

( يعنى مش دعاة وطنية )

*مشاركتهم فى الثورة كانت من أول يوم فيها

( يعى ماعملوش زى رفعت السعيد بتاع حزب التجمع وقال لأ مش حشارك وبعد كدة قال إحنا بندعم الثورة من يومها الأول)

* طول ما الثورة شغالة كانوا هم المنظميين لأغلب المظاهرات وكان حضورهم كبير وفعال

( يعنى مش بتوع كلام وبس وساعدوا فى قدرةالمظاهرات على التأثيرسواء على باقى الشعب أو على النظام )

*بشهادة الجميع هم السبب الأساسى فى إن الثورة ما إنتهتش يوم موقعة الجمل

وهم السبب الأساسى فى إنقاذ الثورة من الضياع اليوم ده

( وإذا كانوا هربوا ماكنش حد يقدر يلومهم ... بس مع كدة أصروا على حماية الثورة )

كل إلى فات ده الأخوان عملوه

تفتكروا بقى بعد ده كله ينفع نقول أصل الأخوان عايزيين يسرقوا الثورة

ثورة إيه إلى يسرقوها إذا كان هم أصلا إلى شالوها على كتفهم عشان تكمل للنهاية؟؟

بس نعمل ايه

ماهو لازم نعذر

الناس إلى ماشركتش فى المظاهرات وماشفتش حاجة

ونصبوا نفسهم حماة الثورة

وفاكريين إن الأخوان عملت زيهم ونزلت هبوط مفاجىء على الثورة

وعشان محدش يقول إنى إخوانى عشان كدة بدافع عنهم

فحب أقول إنى مش إخوانى أنا مواطن شارك فى المظاهرات وفى الثورة من بدايتها

بس بحترم الإخوان جدا وبقدرهم خصوصا بعد المواقف المشرفة إلى عملوها فى الثورة

الخميس، مارس 22، 2012

إنك امرؤ فيك جاهلية

بقلم الشيخ/ عيلوة الشافعي

- عن أبي ذر رضي الله عنه قال : ساببت رجلاً فعيرته بأمه ، فقال لي النبي صلي الله عليه وسلم ( يا أبا ذر أعيرته بأمه؟ إنك امرؤ فيك جاهلية ، إخوانكم خولكم جعلهم الله تحت أيديكم ، فمن كان أخوه تحت يده فليطعمه مما يأكل ، وليلبسه مما يلبس ولا تكلفوهم ما يغلبهم ، فإن كلفتموهم فأعينوهم) أخرجه البخاري .

وللحديث قصة ..

- فيا تري ما قصة هذا الحديث ؟

- فقصة هذا الحديث يحكيها مطلع هذا الحديث، حيث روى عن واصل الأحدب عن المعروف قال : لقيت أبا ذر بالربدة – وهو موضع بالبادية بينه وبين المدينة ثلاثين ميلا من جهة العراق – وعليه حلة وعلي غلامة حلة ، فسألته عن ذلك ؟

- وفي رواية : فقلت :يا أبا ذر،لو أخذت الذي على غلامك فجعلته مع الذي عليك لكانت حلة.

المعني الإجمالي للحديث

- حدث أن وقعت مشادة ومشاحنة بين رجلين من خيرة أصحاب النبي صلي الله عليه وسلم وهما أبو ذر الغفاري وبلال بن رباح رضي الله عنهما ، فكلمة من هنا وكلمة من هناك دخل بينهما الشيطان ليوقع بينهما العداوة والبغضاء، فتشاتم الرجلان وتسابا.. فاستغضب أبو ذر فغضب.. ويا ليته عندما غضب جلس إن كان واقفا.. أو اتكأ إن كان جالساً.. أو قام فتوضأ حتى يطفي ماء الوضوء ثورة نار الغضب عنه.

- ولكن ما كان من الرجل إلا أن أخطأ في حق صاحبة وقال: له يا ابن السوداء يعيره بأمه وكانت أمه أعجمية.. فما كان من بلال إلا أن ذهب إلي رسول الله فشكا له أبا ذر وما حدث منه ، فدعاه ووبخه ، وهو غاضب منه غضب الحريص علي واحد من أمته حبيب إليه إن يدنس نفسه بصفة من صفات الجاهلية القبيحة ، أو إن يستجيب لنداء الشيطان اللعين الذي أيس أن يعبد من هذه الأمة العظيمة ولكن في التحريش بينهم وبعث نار العداوة والبغضاء بينهم.

- فلم يمنع رسول الله حبه لأبي ذر أن يقسو عليه قسوة الرحيم به.. وبصريح العبارة التي لا مداراة فيها ولا مجاملة يقول: له انك امرؤ فيك جاهلية.. أي رغم إسلامك وبذلك في سبيل الله وعطائك إلا أنه لا يزال فيك صفة من صفات الجاهلية الذميمة ، وخصلة من خصالها القبيحة.. لا يسلم إسلامك ولا يصفوا إيمانك حتى تدعها.

- وهكذا يضع رسول الله يد أبي ذر علي الداء الذي هو فيه حتى يسهل له تقبل الدواء الشافي.. الذي إن وقع علي الداء برئ منه بإذن الله.

- ثم بين له أن العبيد أو الخدم أو ما شابههم لم يخرجوا عن كونهم أخواناً للسادة والكبراء أو أصحاب المال الأغنياء.. أخوانا لهم في الإنسانية.. وما علي السادة والأغنياء إلا أن يعاملوهم أحسن معاملة في المأكل والمشرب والملبس ونهي أن يكلفوهم فوق طاقتهم ولا وجب عليهم أن يعينوهم ويساعدوهم .

هذا هو ديننا

- الذي أرس قواعد العدل ووضح موازين المساواة بين الناس كل الناس أبيضهم وأسودهم ، أعلاهم وأوضعهم.. كبيرهم وصغيرهم ..أعربهم وأعجمهم ، أغناهم وأفقرهم.. الكل في الميزان سواء.. لا تفاضل بينهم إلا بالتقوى والعمل الصالح فالأتقى قلباً والأرجى عملاً هو الأكرم عند الله تعالي.. وهو المقرب المحمود وأن كان عبد جيشاً ، والأشقي قلباً والأسواً عملاً هو المبعد الطريد وإن كان شريفاً قريشاً .

هذا هو دينناً

- الذي يأخذ الحق للضعيف وينتصر للمظلوم، فلا محاباة لشريف ولا هضما لحق ضعيف ، لا مجاملة لأبيض عربي علي حساب أسود عجمي فالقوي عنده ضعيف حتى يأخذ الحق والضعيف عند

- قوي يأخذ الحق له .

هذا هو ديننا

- الذي راعي في قواعده وأصوله مبدأ الإنسانية وراعي مبدأ العدل في التعامل حتى مع غير المسلمين (ولا يجرمنكم شنآن علي أن لا تعدلوا أعدلوا هو أقرب للتقوى واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون)

- فالناس كلهم إخوة في الإنسانية (إخوانكم خولكم جعلهم الله تحت أيديكم).. فليس معنى أنني صاحب مال أو رجل أعمال أو وزير أو أمير إن استعلي علي من هو أجير عندي أو عامل تحت يدي فأحقره أو أظلمة فما هؤلاء العبيد وما أولئك الخدم أو الأجراء إلا أخوانا لنا في الإنسانية.. من دم ولحم وروح وأحاسيس ومشاعر.. كل ما هنالك أن الله حرمهم المال أو الجاه أو السلطان وأعطاه لكم يا أصحاب المال أو الجاه أو السلطان فتنة لكم واختباراً .

وهذا هو ديننا

- صلوات ربي وسلامه عليه الذي كان لا يغضب لنفسه قط.. وإنما يغضب لله.. يغضب إذا انتهكت حرمة من حرمات الله.. أو ضيع فرض من فرائضه.. أو أعيد إحياء أمر من أمورا الجاهلية قد دفنه رسول الله تحت قدمه فيغضب لذلك.. فيحمر وجهه وتنفخ أوداجه وينطلق لسانه ويعلوا صوته موبخا ومؤدبا ثم ناصحا ً وموجها ً (يا أبا ذر أعيرته بأمه إنك امرؤا فيك جاهلية إخوانكم خولكم جعلهم الله تحت أيديكم.. الحديث)

هذا هو ديننا

- صلي الله علية وسلم والذي يعلم أنه لا يجوز في حقه أن يؤخر البيان عن وقت الحاجة ، بل أنه يعرف كيف تكون إدارة ألازمة وقد أتاه بلال مظلوماً معيراً بأمة يريد منه أن يأخذ له حقه هذا طرف في القضية.

- ثم الطرف الأخر أبو ذر الغفاري قد تعدي وظلم وعير، وأبو ذر حبيب إلي قلبه ولكن الحق أحب إليه.. ولابد أن يبين وجه الحق في القضية ويرد للمظلوم مظلمته.. وأن يقول للظالم أنت ظالم وفيك من أمور الجاهلية ويقسو عليه لا ليتشفي منه ، بل ليرحمه.

قسا ليزدجروا .. ومن يك حازما .. يقس أحياناً علي من يرحم

- ولو لم يفعل صلي الله عليه وسلم لظل أثرها في نفس بلال مدي حياته ، فما أقسى الإحساس بالظلم.. فنعم المعلم هو صلي الله عليه وسلم ونعم المؤدب ونعم المربي.

هذا نبينا

عليه أفضل الصلاة وازكي التسليم ، يضرب لنا أروع المثل للمدير الناجح والذي وجه أبا ذر رضي الله عنه إلي مبدأ عظيم وواجب مهم من واجبات إدارة الأفراد ألا وهو مراعاة البعد النفسي للفرد أو العامل ) أو بمعنى آخر رفع الروح المعنوية للعامل .

- وذلك يتضح من قوله ( فمن كان تحت يده فليطعمه مما يأكل وليلبسه مما يلبس ولا تكلفوهم ما يغلبهم فإن كلفتموهم فأعينوهم ) ويا لها من عقلية فذة وتفكير ناضج رشيد في الإدارة والتوجيه.. وفعلا إذا ما استقرأنا الواقع رأينا ما يزيدنا يقينا وثقة في صدق نبينا صلي الله عليه وسلم.. فصاحب المال أو المدير الذي ينزل إلي مستوى العاملين.. ويشعرهم أنه واحد منهم غير متميز عليهم.. يأكل مما يأكلون.. ويشرب مما يشربون ويلبس مما يلبسون.. بل يراعى نفسيا تهم فيصرف لهم مثلا وجبة.. أو ييسر عليهم فيجعل لهم أوقات للراحة.. أو لا يكلفهم فوق طاقتهم.. وإذا ما رأي منهم ضيقا من كثرة التكاليف والأعمال خفف عنهم.

- ذلك المدير الذي يراعي كل ذلك فهو بحق المدير الناجح الذي يخلف الله عليه بمعدل إنتاجية عال.. ثم إنه ليحظى بمحبة وتقدير لدي جميع العاملين معه.

هؤلاء هم أصحاب نبينا

- نعم إنهم بشر ، يعتريهم ما يعتري البشر ، يغضبون ويحزنون ويضحكون كما يضحك البشر.. ولكن الفارق الجوهري بينهم وبين سائر البشر إنهم سريعا ً ما يرجعون ويندمون.. وبخطئهم يعترفون.. وإذا ما غضبوا يغفرون.. وإذا ما ذكروا يتذكرون.

- وهذا أبو ذر وهو واحد منهم عندما صوبه النبي خطأه لم يكابر أو يقل هو الذي أخطا في حقي أولا ً.. وإنما كان رد فعله سريعا ً أن وضع خده علي الأرض.. وقال لا أرفعه حتى يطأه بلال بقدمه علي مرأى ومسمع من الصحابة.

- وما كان من رد فعل بلال المعير بأمه من قريب إلا أن عفا ونسى الخطأ في حقه.. وقال ما كان لي إن أطأ وجها سجد لله.

- إنها الأخلاق الرفيعة التي رباهم عليها صاحب أرفع خلق وأسماه محمد صلي الله عليه وسلم.. ويمكنك أن تنظر إلي أبي ذر وتستمع إلي قوله وهو يقول: ساببت رجلا ً فلم يسمى في الحديث الرجل.. وإنما قال رجلا وهو يقص القصة بعد حين من الدهر.. تأدبا مع صاحبه بلال وخوفا ً عليه من أن يحتقره السامع .

- فرضي الله عنهم وأرضاهم وأنعم بهم من جيل اختارهم الله لصحبة نبيه صلي الله عليه وسلم فكانوا خير سلف لمن أراد أن يقتدي بهم .

- وفي الحديث توجيه بليغ لكم يا أصحاب القدرة ويا أصحاب المال ويا أصحاب الملك والسيطرة والسلطان إلي الإحسان والرفق بمن جعلهم الله تحت أيديكم من الخدم والحشم أو الأجراء أو العاملين.. والي عدم الترفع عليهم وعدم تكليفهم مالا يطيقون.. وأيضا عدم تحقيرهم أو إيذائهم لمجرد أنهم فقراء أو أجراء.. وتذكروا يوما ترجعون فيه إلي الله فيقف الكل إمام الله سواء.. وقد نزعت النياشين والرتب ، ليس مع المرء وقتها إلا عمله فينظر أيمن منه فلا يرى إلا ما قدم وينظر أشأم منه فلا يري إلا ما قدم.. وينظر أمامه فلا يرى إلا النار فيقول رسول الله صلي الله عليه وسلم: فاتقوا الله ولو بشق تمرة.

- نسال الله تعالى الهداية والتوفيق والسداد والرشاد إلي ما يحبه ويرضاه .